مقتطفات

بقرار صادم ..التأمينات تعرقل معاملات المرضى وكبار السن بمنع التوكيلات الرسمية

كتب/شوكت سعد

أثارت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي استياءً واسعًا بقرارها الجديد الذي يمنع التعامل بالتوكيلات العامة، بما في ذلك تلك الصادرة عن الشهر العقاري، ويقيد أصحاب المعاشات والمتعاملين معها بحقهم في تفويض من ينوب عنهم في إدارة شؤونهم. القرار الذي يصفه الكثيرون بأنه تعسفي، يضع قيودًا صارمة ويمنع الاعتماد على التوكيلات إلا في حالات نادرة وبشروط مشددة، ما حرم العديد من المواطنين من وسيلة يعتمدون عليها في تسيير معاملاتهم الضرورية.
يأتي هذا القرار الصادم ليضاعف من معاناة أصحاب الشأن، خاصة كبار السن والمرضى والعاجزين الذين يعتمدون على أبنائهم أو أقاربهم أو وكلائهم لإنجاز معاملاتهم التأمينية. كما يترك العديد من الأسر في حيرة أمام قرارات الهيئة، إذ يعتبر الكثيرون أن القرار تجاهل الطبيعة الإنسانية والحالات الخاصة التي تتطلب التوكيلات بسبب ظروف قاهرة.
ويؤكد منتقدو القرار أن هناك حالات متعددة لأفراد يتعاملون بتوكيلات رسمية من أبنائهم أو أشقائهم العاملين في الخارج، والذين يصعب عليهم ترك أعمالهم والعودة لإتمام الإجراءات بأنفسهم. هذه الحالات تمثل شريحة كبيرة من المجتمع المصري، ما يجعل القرار محل انتقاد واسع، حيث يُنظر إليه على أنه تجاهل لاحتياجات المواطنين واختراقٌ لحقهم في تسهيل معاملاتهم عبر وكلاء موثوقين ومعتمدين قانونيًا.
ويقول محمود عبد الرحيم، مواطن يعول والدته المريضة، ويعمل خارج البلاد، في تصريحات خاصة لـ”الحدث المسائي”: هذا القرار لا يراعي ظروفنا على الإطلاق. أنا مجبر على البقاء في الخارج للعمل، وأعتمد على توكيل رسمي لإدارة شؤون والدتي، الهيئة تقف في وجهنا بقرارات تعسفية لا تتفهم معاناتنا أو تضع في اعتبارها الأوضاع الاجتماعية الخاصة التي تجبرنا على الاعتماد على التوكيلات.
وتضيف علياء سيد، مواطنة وأم لأربعة أبناء، أحدهم مصاب بإعاقة: كيف يُطلب من شخصٍ مثلي، لديه ظروف خاصة، أن يأتي بنفسه لكل معاملة في التأمينات؟ التوكيل كان وسيلتي الوحيدة لتسيير أمور ابني. من غير المنطقي أن يتم إلغاء هذا الحق، خصوصًا في الحالات الإنسانية التي تحتاج لدعم وتيسير من الدولة وليس المزيد من العقبات.
وأردف نبيل منصور، متقاعد يواجه صعوبات في التنقل: اعتمدت لسنوات على ابني الذي لديه توكيل رسمي لإدارة معاملاتي. اليوم بعد القرار أصبح عليّ الذهاب بنفسي لأي إجراء، رغم أنني أعاني من مشاكل صحية تعيقني عن التنقل. هذا القرار غير منطقي ويزيد من أعباء حياتنا بدلًا من أن يخففها.
يرى القانونيون أن القرار يفتقر للمرونة اللازمة، ويشكل تعديًا على حقوق المنتفعين في إدارة شؤونهم التأمينية. ويطالب الكثيرون الهيئة بإعادة النظر في هذا القرار، وإيجاد حلول تضمن حماية حقوق المواطنين وتسهيل إجراءاتهم بدلًا من تعقيدها، في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة تتطلب دعم وتيسير المعاملات الحكومية.
ويرى المستشار أحمد فهمي، محامٍ وخبير في القوانين الإدارية، أن هذا القرار يمثل تعديًا على الحقوق القانونية للمواطنين ويهدر مبدأ الوكالة الشرعية المعتمد قانونيًا، مضيفًا: التوكيل الرسمي المعتمد من الشهر العقاري وسيلة قانونية مقبولة ويجب احترامها، وإلا سنرى العديد من القضايا القانونية والدعاوى ضد الهيئة في الفترة المقبلة بسبب هذا القرار غير المبرر.
الدكتورة فاطمة خليل، الباحثة في الشؤون الاجتماعية، تؤكد أيضًا أنه في ظل تزايد ضغوط الحياة، كان من المتوقع أن تقوم المؤسسات الحكومية بتسهيل المعاملات للمواطنين، وليس العكس، مضيفة: هذا القرار يزيد من تعقيد الأمور، خاصة لمن لديهم أبناء أو أقارب بالخارج، مما يعيق استلام المعاشات وإنجاز الإجراءات اليومية الضرورية.
وتابعت: القرار يمثل انتهاكًا صريحًا لحقوق المسنين وأصحاب المعاشات، وكأن الهيئة تعاقبهم بدلًا من تقديم خدمات تُسهل حياتهم، هؤلاء الأشخاص يحتاجون لتفويض من يساعدهم في تسيير شؤونهم اليومية، وهذا القرار يحرمهم من هذا الحق البسيط.

عرض المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى