مقالات

يا له من لقاء مع الخلود… المتحف المصري الكبير كما رأيته

بقلم: محمد عبد الملك

لم يكن المتحف المصري الكبير بالنسبة لي مجرد وجهة سياحية، بل كان موعدًا مع التاريخ، أو لنقل مع الذات المصرية في أصفى صورها. عندما اقتربت من بوابته المهيبة المطلة على أهرامات الجيزة، شعرت وكأنني أقترب من ذاكرة أمة ما زالت تنبض رغم مرور آلاف السنين.عند المدخل، استقبلني تمثال الملك رمسيس الثاني شامخًا كما لو أنه يرحب بزائريه منذ العصور الأولى. وقفت أمامه لحظة صمت، شعرت فيها أن الزمن توقف. الحجر يتحدث، والملامح الملكية تحكي عن قوةٍ وحكمةٍ لا تنتهي. بدا لي وكأنه يهمس: “نحن هنا منذ الأزل، وسنبقى ما بقيت الشمس”.داخل المتحف، لا تشعر أنك تنتقل بين قاعات عرض، بل بين مراحل عمر الحضارة المصرية. كل قطعة أثرية، من تماثيل الملوك إلى مقتنيات توت عنخ آمون، تروي قصة إنسان عاش وأبدع وترك أثره في قلب التاريخ. تتأملها فتدرك أن الفن كان بالنسبة للمصري القديم طريقة ليحاور الخلود.المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى ضخم أو مشروع حضاري، بل هو مرآة لمصر المعاصرة وهي تعيد قراءة ماضيها بعين المستقبل. فهو يجمع بين الأصالة والتكنولوجيا، بين سحر الحجر وروح العصر، ليقول للعالم إن الحضارة المصرية لا تزال قادرة على الإلهام والتجدد.وأنت تغادر المكان، يصعب أن تكتفي بالمشاهدة. شيء ما في داخلك يتغير، كأنك تخرج من تجربة روحية أكثر منها ثقافية. ترى وجه مصر الحقيقي في انعكاس الضوء على الزجاج، في صمت التماثيل، وفي ذلك الإحساس بأنك لست زائرًا… بل ابن لهذا التاريخ العظيم.

عرض المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى